تعد لعبة Fort Solis أولى ألعاب فريق التطوير البريطاني المستقل Fallen Leaf Studio، وهي تجربة تركز على السرد القصصي والتشويق، مع وعود بتقديم مستوى رسومي مميز باستخدام النسخة 5.2 من محرّك التطوير Unreal Engine. وقد حان الوقت لنعرّفكم أكثر على هذه التجربة وما إذا كان فريق التطوير قادراً على تقديم تجربة مميزة مع لعبته الأولى.
تدور أحداث القصة على كوكب المريخ وتبدأ بقيام المهندسين جاك ليري وجيسيكا أبلتون بجولة روتينية للصيانة خلال موسم العواصف على الكوكب. أثناء عملهما، يتم إطلاق نداء استغاثة من منشأة التنقيب Fort Solis، فيقرر جاك الاستجابة للنداء ويذهب لتفقد المنشأة وطاقمها. يصل جاك إلى المنشأة ليجدها فارغة تماماً دون أي استجابة من طاقمها لمحاولاته للتواصل معهم، وهنا تصبح الأمور أكثر غموضاً حول ما حدث في المنشأة وما سبب نداء الاستغاثة.
تقدم اللعبة التفاصيل بشكل تدريجي من خلال بعض التسجيلات الصوتية والمرئية وبعض المراسلات التي ستجدونها أثناء استكشاف المنشأة. كانت القصة مثيرة للاهتمام في البداية مع بنائها بشكل تدريجي بطيء جداً خلال الساعتين الأوليين، حيث تم التركيز على إضافة المزيد من الغموض إلى القصة ودفع اللاعب إلى طرح المزيد من التساؤلات.
المؤسف هو أنّ البناء الحذر والبطيء للقصة خلال النصف الأول يتبعه تسارع كبير نسبيًا في الأحداث، ولكن دون تفاصيل فعلية يمكن فهم الأحداث من خلالها! مع نهاية التجربة ستجدون أنفسكم في حيرة حول حقيقة ما حصل في المنشأة. بعض التسجيلات الصوتية ستدفعكم إلى التفكير في احتمالية معينة، ولكن دون تفاصيل واضحة، وبعض الملفات والتسجيلات المرئية ستشير إلى احتمالية أخرى. ولكنّ جميع الأدلة والتفاصيل التي يتم توفيرها للاعب إما ضبابية وإما غير مكتملة، والأمر أشبه بكون فريق التطوير قد قفز من منتصف القصة إلى نهايتها! ولولا كون التجربة قصيرة وحديثنا عن أي تفاصيل إضافية قد يكون حرقًا لها لوضحنا المزيد بهذا الخصوص.
تُعدُّ واحدة من أبرز نقاط القوة في هذه التجربة هي الأداء الصوتي، والذي أُتقن بشكل خاص للشخصيات الثلاث الرئيسية: جاك، وجيسيكا، بالإضافة إلى وايت، وهو أحد أفراد طاقم Fort Solis. أثناء استكشاف المنشأة، تدور المحادثات بين جاك وجيسيكا في محاولة لتخفيف شعور جاك بالوحدة والتوتر نتيجة الأوضاع الغريبة في المنشأة. وكان الأداء الصوتي لشخصية جاك الأبرز من وجهة نظري، حيث نجح في التوازن بين طبيعة شخصيته الساخرة ومحاولاته لتشجيع نفسه على الاستمرار رغم التوتر والقلق الذي يزداد مع تطور الأحداث.
على المستوى الرسومي، تتفاوت اللعبة في جودتها، ولكن فريق التطوير استغل محرّك Unreal Engine بطريقة ذكية بوجه عام. ملامح الشخصيات وتعابير الوجه كانت متقنة وممتازة بالنسبة للعبة من مطور مستقل. كما حظيت المؤثرات البصرية مثل الإضاءة والظلال بعناية خاصة لتعزيز جمالية الممرات الضيقة للمنشأة. استخدم فريق التطوير التلاعب بالإضاءة كأسلوب رئيسي للتمويه للتغطية على العيوب الرسومية؛ فعند التدقيق في تفاصيل البيئة المحيطة، ستلاحظون نعومة وضبابية مزعجة، خصوصًا أثناء التجوال خارج المنشأة والنظر في تفاصيل سطح المريخ. المناطق شديدة الظلمة أظهرت بوضوح المستوى المتفاوت لهذه التفاصيل. ومع ذلك، نقدّر ذكاء فريق التطوير في استغلال تقنيات المحرك لعرض اللعبة بأفضل شكل ممكن، بطريقة قد ساعدت على تقليل تكاليف عملية التطوير. تعاني اللعبة من بعض مشاكل الأداء، مثل تباطؤ الإطارات بشكل شديد ومفاجئ، رغم أن غالبية التجربة تدور في هذه المنشأة الصغيرة.
عند الحديث عن تجربة اللعب، ليس هناك الكثير للحديث عنه في Fort Solis، التي تُعتبر تجسيدًا حرفيًا لما يطلق عليه اللاعبون “محاكاة المشي”. تقتصر التجربة على التجوّل داخل المنشأة، قراءة الرسائل أو الاستماع إلى التسجيلات لفهم الأحداث. حركة الشخصية في هذه اللعبة بطيئة جدًا بشكل محبط، خصوصًا وأن اللعبة تتطلب منكم الحصول على تصاريح لدخول بعض الغرف، مما يستلزم التجوّل في أنحاء المنشأة للحصول على هذه التصاريح ثم العودة إلى مناطق سابقة، وهي عملية تأخذ وقتًا أطول مما ينبغي، وهي بكل أسف مجرد محاولة مزعجة لزيادة مدة التجربة لا أكثر. تقدم اللعبة أيضًا ما يُعرف بالـQTEs أو اللحظات التي تتطلب منكم الضغط على الزر في الوقت المناسب، والتي كانت مربكة في بعض الأحيان حيث تظهر الأزرار فجأة والنافذة الزمنية لضغطها قصيرة جدًا في كثير من الأحيان. كما أن الفشل أو النجاح في الضغط على الأزرار لا يؤثر على الأحداث في الغالب، مما يثير التساؤل عن فائدتها في هذه الحالة.
لا يمكن القول بأن اللعبة تقدم ألغازًا حقيقية، بل هي عبارة عن عوائق لا أكثر. ستجدون فيها أبوابًا تحتاج إلى مصادر للطاقة، ما يعني ضرورة الذهاب إلى الغرف المجاورة للبحث عن تلك المصادر ثم العودة. كما ستواجهون عوائق تتطلب منكم تشغيل بعض الأجهزة بترتيب معين. كان بإمكان فريق التطوير أن يمنح عمقًا أكبر لتجربة اللعب وأن يبذل المزيد من الجهد في تصميم هذه الألغاز لجعلها تتطلب بعض التفكير الفعلي من اللاعب، لكسر رتابة التجول المملة.
أثناء التجوّل في المنشأة، ستكتشفون مجموعة من ملصقات الأفلام التي يمكن جمعها، بالإضافة إلى بعض العناصر القابلة للتفاعل مثل طاولة البلياردو. ومع ذلك، فإن طبيعة الحركة البطيئة جدًا للشخصية قد جعلتنا نتحفظ عن إضاعة المزيد من الوقت في جمع تلك الملصقات أو التفاعل مع العناصر غير المرتبطة بالقصة الرئيسية. يبدو هذا كمحاولة أخرى من فريق التطوير لزيادة طول مدة هذه التجربة القصيرة.
أنهينا لعبة Fort Solis خلال أربع ساعات، وكان من الممكن إنهاء اللعبة في وقت أقصر بكثير لولا الحركة البطيئة للشخصيات. اللعبة قدّمت أداءً متقنًا لشخصياتها، ولكنها فشلت في إكمال بناء قصتها بالشكل المطلوب. كما تتسم تجربة اللعب بصعوبة التقبّل بسبب محدوديتها الشديدة والحركة البطيئة التي تجعل هذه التجربة القصيرة شاقة على اللاعب الذي يتمنى إنهائها بأسرع وقت.
تمت مراجعة هذه اللعبة بنسخة للحاسوب الشخصي تم توفيرها من قبل الناشر.